وتسمى بغزوة الفرقان و غزوة بدر الكبرى. وقعت غزوة بدر في صبيحة يوم الاثنين, 17/ رمضان في السنة الثانية للهجرة/ الموافق 13 مارس 624 م. وكان موقع الغزوة في أرض بدر، وهي محطة لمرور القوافل المتجهة إلى الشام وكذلك القوافل العائدة إلى مكة المكرمة.كما أن موقعها الجغرافي المميز بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراءجعل منها سوقاً من أسواق العرب المشهورة.
بعد الإذن بالجهاد في العهد المدني، بلغ المسلمون خبر تحرك قافلة كبيرة محملة بأموال عظيمة لقريش. كانت هذه القافلة عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان صخر بن حرب. فانتدب النبي، صلى الله عليه وسلم أصحابه للخروج بهدف السيطرة على القافلة والرد على قريش، التي صادرت أموال المسلمين في مكة وسلبتهم كل ما يملكون.
ولم يكن في حسبانهم مواجهة جيش قريش وكذلك لم يكن خروج المسلمين بكامل طاقتهم العسكرية في معركة بدر, وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم تعجل بمن كان مستعدًا للخروج دون انتظار سكان العوالي, لئلا تفوتهم القافلة. ، وكما جاء في بعض الروايات أن القافلة كانت محملة بمختلف أنواع البضائع التجارية و ألف بعير، ويحرسها نحو أربعين شخصا فقط.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يستهدف القوة الاقتصادية المتمثلة في تجارة وقوافل قريش, والتي كانت تمر عبر طرق المدينة المنورة في اتجاه الشام، فـقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى القافلة للسيطرة عليها والرد على قريش، التي صادرت أموال المسلمين في مكة وسلبتهم كل ما يملكون.
كما أن أبو سفيان من جهته وصلته أنباء خروج المسلمين لاعتراض قافلته، فأرسل يستنجد بقريش التي رأت أن الفرصة جاءت لهزيمة المسلمين.
خرج من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، منهم من الأنصار بضع وأربعين ومائتين، ولم يكن معهم إلا فَرَسان، وسبعون بعيًرا يتعاقبون على ركوبها. وعندما علم أبو سفيان بخروج المسلمين لأخذ القافلة، سلك بها طريق الساحل وأرسل لاستنفار أهل مكة.
قامت قريش بالاستعداد للخروج، وحشد كل طاقتها دفاعًا عن قافلتها, فقد رأت قريش في ذلك حطًا لمكانتها, وبلغ عددهم نحوًا من ألف مقاتل، ومعهم مائتا فرس يقودونها.
بعد نجاة القافلة, ظهرت الخلافات في جيش المشركين, حيث كان منهم من يؤيد العودة دون قتال المسلمين حتى لا تكثر الثارات بين الطرفين، ومنهم من كان مصرًا على القتال كأبي جهل. و أخيرًا قد غلب رأي أبي جهل ولم يعد هدف قريش نجاة القافلة فحسب, بل تأديب المسلمين وتأمين طرق التجارة. كما أن قريش أرادت استعادة سمعتها و هيبتها وقوتها.ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنباء نجاة القافلة، وإصرار قريش على قتاله صلى الله عليه وسلم, شاور أصحابه عامة، وقصد الأنصار خاصة.
وصل المسلمون إلى آبار بدر على بعد 155 كيلومترا من المدينة المنورة، و310 كيلومترات من مكة المكرمة. وقد وصل المسلمين قبل وصول جيش قريش إلى المنطقة نفسها،وأشار الحبُاَبُ بن المنذر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم مشورته. وبين صلى الله عليه وسلم مصارع رجال من أهل بدر بأسمائهم، فقال: «هذا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إن شَاءَ الله تَعَالى، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إن شَاءْ الله تَعَالى».
في صبيحة يوم المعركة جهز صلى الله عليه وسلم جيشه في صفوف للقتال، وحرضهم على القتال وإخلاص النية لله تعالى، وبدأ يدعو الله أن ينصره على أعدائه, وبقي صلى الله عليه وسلم-بمشورة سعد بن معاذ- في قبة (عريش) يدير المعركة. وجعل صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء ربه ومناجاته، حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ)الأنفال: 9، فخرج وهو يقول: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُر)القمر: 45.
وقد رمى صلى الله عليه وسلم المشركين في وجوههم بالحصى، قال تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ) الأنفال: 17. وبدأت المعركة بتقدم عتبة بن ربيعة، وتبعه ابنه الوليد، وأخوه شيبة, طالبين المبارزة، كما كانت عادة المعارك, فخرج لهم شباب من الأنصار، فرفضوا مبارزتهم وطلبوا مبارزة بني عمومتهم، فأمر صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه, فقتل حمزة عتبة، وقتل علي شيبة، وأثخن عبيدة والوليد كل واحد منهما صاحبه، ثم مال علي وحمزة على الوليد فقتلاه، واحتملا عبيدة.
أدت نتيجة المبارزة إلى رفع معنويات جيش المسلمين وبشر النبي أصحابه بالنصر وبالدعم الإلهي المباشر، بينما أصيبت صفوف قريش بالإحباط بهذه البداية السيئة, تأثرت قريش بنتيجة المبارزة وبدأت الهجوم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه برمي المشركين بالنبل إذا اقتربوا من المسلمين ودنوا. ثم التقى الجيشان في ملحمة كبيرة، وأمد الله سبحانه وتعالى المسلمين بالملائكة يوم المعركة، قال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال: 9-10. وبعد المواجهة قتل من المشركين سبعون رجلاً، منهم الذين بَبّنَ صلى الله عليه وسلم مصارعهم من أهل بدر بأسمائهم قبل المعركة، ما أخطأ أحد منهم الموضع الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وانتهت المعركة بمقتل نحو سبعين شخصا من قريش وكان من بين القتلى عدد من زعماء قريش كأبو جهل، عمرو بن هشام، قتله معاذ بن عمرو ابن الجموح، ومعاذ بن عفراء وهما غلامان، وأجهز عليه عبد الله بن مسعود، وأمية بن خلف، قتله وابنه عليًا بلال بن رباح، مع فريق من الأنصار وغيرهم.
وقد بلغ عدد الأسرى من قريش سبعون رجلاً، وفر بقية المشركين تاركين وراءهم الكثير من الغنائم في أرض المعركة، ودفن صلى الله عليه وسلم شهداء المسلمين، قد بلغ عددهم أربعة عشر شهيدًا.
أصبحت شوكة المسلمين قوية بعد هذا النصر، وأصبحوا مرهوبين بين قبائل الجزيرة العربية كلها، و علت مكانة الرَّسول صلى الله عليه وسلم في المدينة. كما وانه لم يعد المتشكِّكون في الدَّعوة الجديدة، والمشركون في المدينة يتجرَّؤون على إظهار كفرهم، وعداوتهم للإسلام فأعلنوا إسلامهم ظاهرًا أمام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم, ، فازدادوا إيمانًا على إيمانهم، وثباتًا على عقيدتهم.
كما كسب المسلمون مهارةً عسكريَّةً، وأساليبَ جديدةً في الحرب، وشهرةً واسعةً داخل الجزيرة العربيَّة، وخارجها. أمَّا قريش، فكانت خسارتها عظيمة، فقد قُتل عدد من الَّذين كانوا من أشد القرشيِّين شجاعةً، وقوةً , كأبي جهل بن هشام، وأميَّة بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وغيرِهم من زعماء الكفر؛ فقد كانت خسارة قريش حربية و معنوية وذلك لأن المدينة لم تعد تُهَدِّدُ تجارتَها فقط، بل أصبحت تهدِّد أيضًا سيادتها ونفوذها في الحجاز كلِّه.
أسر المسلمون نحو سبعين آخرين، افتدوا بعضهم بالمال، وبعضهم الآخر بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، كما صدر عفو عن أسرى آخرين فقراء ليس لديهم ما يمكّنهم من افتداء أنفسهم به. أما بقية الجيش فقد تشتت وعادت جماعات وفرادى إلى مكة تجر ذيول الهزيمة.
تعدُّ غزوة بدر معركة فاصلة في تاريخ الإسلام رغم صغر حجمها, ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان، قال تعالى:( وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَان) الأنفال: 41، ففرق بها سبحانه بين الحق والباطل؛ فأعلى فيها كلمة الإيمان على كلمة الباطل.
Share With Family & Friends
دعاء النبي محمد صل الله عليه وسلم
اللهم إني عبدك ابن عب...
سورة الفرقان: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ ...
اللهم اشفي مرضانا
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وا�...
سورة محمد: "الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ �...
لماذا لا يظهر موقعك في بحث Google ؟
أولا تأكد ما إذا كان م...
أجمل الكلام ، عبارات عن الصلاة على النبي
تعتبر الصلاة...