القرآن الكريم كامل المصحف الذكي (جديد) , المصحف النصي
كان في سالف الزمان ملك مؤمن عادل اسمه ( ذو القرنین ) وكان ذو القرنين يعيش في زمن نبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) ، وقد آمن ذو القرنين مع إبراهيم ( عليه السلام ) وطاف معه حول الكعبة حين بناها وقد تعلم الخير الكثير والعلم الوفير من إبراهيم ( عليه السلام ).
وكان ذو القرنين يتمنى أن يصبح العالم كله على الإيمان والتوحيد ومن أجل ذلك جهز جيشا کبیرا ليخرج به ليدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده .. فأكرمه الله ( عز وجل ) وهيأ له كل الأسباب التي تعينه على تبليغ هذه الدعوة المباركة. فطاف ذو القرنین مشارق الأرض ومغاربها وهزم كل الجيوش التي قابلته وحكم الناس بالعدل والرحمة ولم يظلم أحدا أبدا حتى ملك الأرض كلها بفضل الله سبحانه وتعالى الذى أتاه كل ما يحتاج إليه من التمكين والجنود والآلات الحربية وآلات الحصار وهيأ له كل أسباب النصر والتمكين. ونحن نعلم أنه ملك الأرض كلها أربعة: رجلان مؤمنان وهما : نبي الله سليمان ( علیه السلام ) وذو القرنين رحمه الله ورجلان کافران وهما : المرود وبختنصر.
وكان من رحمة الله ( جل وعلا ) بأهل الأرض أن ذا القرنين ملك الأرض بعد النمرود الذي أفسد في الأرض كثيرا.. فجاء ذو القرنين فملأ الأرض رحمة وعدلا وطاف مشارق الأرض ومغاربها ليدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده. استمر ذو القرنين في رحلته المباركة ، لنشر العدل والرحمة بين الناس ويعلمهم الإيمان والتوحيد ومن أجل ذلك تعلم كل لغات العالم حتى يستطيع أن يدعو كل شعب بلغته التي يعرفها .. وقد يسر الله أسباب کل شیء: من معرفة اللغات إلى معرفة الطرق والبلاد .. إلى غير ذلك.
وسار ذو القرنين بجيشه حتى وصل إلى مغرب الشمس ... أي أنه وصل إلى أقصى مكان في الأرض من ناحية المغرب. فلما وصل إلى هذا المكان نظر ذو القرنين إلى الشمس فرآها وكأنها تغرب في المحيط الذي أمام عينيه. ووجد في هذا المكان قوما کافرین فدخل عليهم ومكنه الله منهم ثم خيره بین تعذيب أهل هذه الأرض أو العفو عنهم ونشر العدل بينهم، فكان ذو القرنين في قمة الرحمة والعدل فقال : أما من ظلم واستمر على شرکه وكفره بالله ( جل وعلا ) فسوف نعذبه ثم إذا مات على كفره فإن الله سيعذبه عذابا شدیدا. وأما من آمن واتبعنا على الإيمان والتوحيد فهذا سيكافئه الله أعظم الجزاء في الجنة .. وفوق ذلك سنقول له من أمرنا يسرا ونكرمه غاية الإكرام.
أنه كان عبدا صالحا وكان الله ( عز وجل ) يلهمه بما يفعل ويوفقه ويمكنه ويسر له أسباب النصر والتمكين . و لقد سار ذو القرنين في مشارق الأرض ومغاربها وشاهد عجائب خلق الله ( جل وعلا ) في هذا الكون الفسيح. فلقد كان يسير في الأرض ويفتح البلاد وينشر الإيمان والتوحيد وكان في طريقه يرى البحار الواسعة والجبال الشاهقة والصحراء الفسيحة والمخلوقات العجيبة والمزارع الخضراء والطيور النادرة واللغات المتنوعة. وکان يرى كل ذلك خلال رحلته الطويلة التي استمرت سنوات وسنوات، وبعدما وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس بدأ رحلته الثانية الطويلة إلى مشرق الشمس وكان في طريقه الطويل لا يمر بقوم إلا نصره الله عليهم وأخذ يدعوهم إلى الإيمان والتوحيد فمن أطاعه أكرمه ومن أصر على الكفر أذله واستخدمه في خدمة جيش المؤمنين، و هكذا حتى وصل الى المكان الذي تشرق منه الشمس فرأى أمة عجيبة ما رأى في حياته كلها أمة أعجب منها.
لقد رأی قوما حفاة عراة ليس لهم بناء ولا بيوت يستظلون فيها من حر الشمس وبرد الريح .. وليس عندهم أشجار ولا جدران وكانوا قد حفروا لأنفسهم سراديب تحت الأرض، ليدخلوا فيها حتى تحميهم من حر الشمس.. و أحيانا يغوصون في الماء ولا يعملون أي شيء ولا يشتغلون بتحصيل أرزاقهم حتى تغرب الشمس فيخرجون ويبدأون في العمل. فلما جاءهم ذو القرنين أخذ يعلمهم كيف يبنون بیوتا تحميهم من حر الشمس وتقيهم من برد الريح. ودعاهم إلى الله ( جل وعلا )، فآمنوا وامتلأت قلوبهم بلذة الإيمان ونور التوحيد. ثم ودعهم ذو القرنين وانطلق في رحلته الثالثة.
سلك طريقا ثالثا بين المشرق والمغرب، يوصله إلى جهة الشمال حت الجبال الشاهقة المرتفعة، ووصل ذو القرنین إلی من منطقتين بين جبلين کبیرین عند بلاد الترك فوجد هناك قوما متخلفين لا يكادون يعرفون لغة غير لغتهم... وكانت لغتهم غريبة وصعبة حتى أن ذا القرنين لم يستطع أن يفهمهم إلا بواسطة تُرجمان. وبعدما تكلم معهم ذو القرنین علم أنهم يعيشون مأساة حقيقية وذلك لأنهم يعيشون بالقرب من جبلين متجاورين، ومن وراء الجبلين تعيش أمة متوحشة وهم قوم يأجوج ومأجوج وهم من ذرية يافث بن نوح ( عليه السلام ) .. وكان لهم أشكال وأحجام عجيبة وكانوا كفارا لا يؤمنون بالله ( جل وعلا ) .. بل كانوا لصوصا يعيشون على السلب والنهب والسرقة.
وكان قوم يأجوج ومأجوج كانوا إذا دخل الليل خرجوا من وراء الجبلين إلى هؤلاء القوم فأكلوا زروعهم وثمارهم وسرقوا مواشيهم وأغنامهم حتى أصبح هؤلاء الناس جوعى، لا يجدون طعاما ولا شرابا بسبب ما يفعله يأجوج ومأجوج. فلما علم ذو القرنين من الترجمان قصة هؤلاء القوم قرر أن يقف بجانبهم وأن يساعدهم بشرط أن يؤمنوا بالله ( جل وعلا ). فآمنوا بالله ووحدوه وبدأوا يعرضون علی ذو القرنين عرضا مغريا.
(قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ( 94) قال ما مکني فيه ربي خير فأعينونی بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما(95) الكهف. إنهم عندما وجدوه فاتحا قويا ، وتوسموا فيه القدرة والصلاح.. عرضوا عليه أن يقيم لهم سدا في وجه يأجوج ومأجوج الذين يهاجمونهم من وراء الحاجزين،ويغيرون عليهم من ذلك الممر ، فيعيثون في أرضهم فسادا ؛ ولا يقدرون هم على دفعهم وصدهم وذلك في مقابل قدر من المال يجمعونه له من بينهم.
رد ذو القرنین علی عرضهم المادي بعفة وزهد في الأجرة والمال. وقال لهم: (ما مكني فيه ربي خير)الكهف95. لا حاجة لي في مالكم ، فقد آتانی الله خيرا مما عندكم ، و منحنی من مظاهر التمكين والقوة ، ما جعلني زاهدا في مالكم مستعليا عليه. لما عف ذو القرنين عن أموالهم وزهد فيها ، أراد أن يتركوا العجز والكسل والإتكالية، وأن يعلمهم النشاط والعمل والكسب والسعي ، فقال لهم : (فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) الكهف95.
وهنا بدأ ذو القرنين يفكر في أفضل طريقة يستطيع من خلالها أن يسد الطريق على يأجوج ومأجوج فلا يستطيعون بعد ذلك أن يخرجوا على هؤلاء القوم المساکین، وبعد تفكير عمیق رآى ذو القرنين أن أفضل وسيلة هي أن يردم الحاجز الذي بين الجبلين، وبالفعل أصدر ذو القرنین أمره لهؤلاء القوم بأن يحفروا الأرض التي بين الجبلین حتى يلقى فيها أساساً متيناً ليبني عليه ذلك السد ، فحفروا معه حتى وصلوا إلى مكان عميق ثم بدأ ذو القرنين في وضع الأساس في تلك الحفرة فوضع فيها صخورا ورمالا، ثم طلب من القوم أن يأتوا إليه بقطع النحاس الكبيرة.. وكانت هذه المنطقة غنية بالحديد والنحاس كما أنها غنية بأشجارها وغاباتها ودوابها المختلفة التي تنقل كل هذا من الأماكن البعيدة.
ثم أمرهم بأن يوقدوا نارا تحت النحاس فلما ذاب النحاس، صبه فوق الصخور التي في هذه الحفرة وبذلك أصبح الأساس قويا متينا. ثم طلب منهم بعد ذلك أن يأتوا إليه بقطع الحديد فلما جاءوا بها أخذها ذو القرنين وبدأ يضعها فوق بعضها البعض حتى وصل إلى حافة الجبلين، ثم أمرهم بإيقاد النار تحت ذلك الحديد ثم أمر مجموعة أخرى بأن يأتوا إليه بالنحاس.. فجاءوا بالنحاس فأمرهم بأن يشعلوا تحته نارا.
فلما تم صهر الحديد في الممر، وتم صهر النحاس في القدور ، جاءت المرحلة الأخيرة من مراحل بناء السد. فأمرهم بصب النحاس المصهور المذاب على الحديد المصهور المذاب ، فيتخلل النحاس وسط الحدید ، واختلطا. وصارا معدناً واحداً قوياً متيناً. لقد هداه الله إلى طريقة فذة عجيبة في تمتين البناء وتقويته ، وبذلك جمع بين الحديد والنحاس.
لما أتم ذو القرنين بناء السد، جاء يأجوج ومأجوج على عادتهم ليعبروا المضيق ويمارسوا الإفساد ، ولكنهم فوجئوا بالسد المنيع المرتفع أمامهم فحاولوا أن يظهروا و ويتسلقوا عليه ، فلم يستطيعوا. وحاولوا أن يهدموه فلم يستطيعوا ، لأنه مبنی من مادة قوية.
إن الله ( جل وعلا ) جعل قبل يوم القيامة علامات تدل على قرب يوم القيامة فكان من بين تلك العلامات : خروج يأجوج ومأجوج، فهم سيخرجون في آخر الزمان ولكن متى ذلك ؟ لا يعلم هذا إلا الله ( جل وعلا ). ولقد أخبرنا النبي عن كيفية خروجهم. وذلك أنهم يحاولون في كل يوم أن يهدموا هذا السد .. فيحفرون في السد كل يوم حتى إذا رأوا شعاع الشمس قال زعيمهم : ارجعوا فستحفرونه غدا ان شاء الله، فيعودون في اليوم التالي فيجدوه قد عاد كما كان قبل أن يحفروه ولا يزالون على تلك الحالة حتی یأتی الموعد الذي حدده الله لخروجهم ، وسيخرجون على الناس ويعيثون في الأرض فسادا. فلا يتركوا شيئا من الزروع والحبوب والثمار والماشية والأغنام إلا أكلوه .. بل ويشربون الماء كله فلا يتركون للناس نقطة ماء واحدة. ويصبح الناس في هم وغم لا يعلمه إلا الله.
ويكون في هذا الوقت قد نزل نبی الله عیسی علیه السلام وقتل المسيح الدجال وأصبح كل الناس مؤمنین. وهنا يأمر الله عيسى عليه السلام بأن يأخذ من معه من المؤمنين ويتحصنوا في جبل الطور حتى لا يصل إليهم يأجوج ومأجوج ويخلصون في الدعاء واللجوء إلى الله من أجل أن يخلص الأرض من يأجوج ومأجوج.
فإذا نظروا حولهم فلم يجدوا أحدا قالوا : لقد قهرنا أهل الأرض وبقى أهل السماء ... فيأخذ كل واحد منهم حربته فيرميها إلى السماء فترجع إليه وفيها آثار الدماء، وهم لم يقتلوا أحدا من أهل السماء ولكنه فتنة لهم، فيقولون : لقد قهرنا أهل السماء. وبينما هم على تلك الحالة من الفساد،إذ بعث الله عليهم حشرات أو دیادان اسمها ( النغف ) فتقتلهم جميعا ولا تترك منهم أحدا.
وفي هذه الأثناء يقول عيسى عليه السلام أريد رجلا يحتسب نفسه في سبيل الله فيخرج ليعرف لنا ماذا حدث ليأجوج ومأجوج. فيخرج رجل مؤمن وينظر فيجدهم جميعا موتی، فيرجع الرجل ويبشر عیسی علیه السلام وإخوانه المؤمنين فيسجدون شكرا لله جل وعلا. ثم يدعو عیسی علیه السلام أن يخلص الله الأرض من جثث هؤلاء المفسدين فيرسل الله طيرا من السماء فتأخذ جثثهم ثم يرسل الله المطر من السماء فيغسل الأرض ويجعلها في غاية الحسن والجمال. ثم يعيش المسلمون مع عيسى عليه السلام أجمل حياة، فيأمر الله الأرض أن تخرج بركتها ويأمر السماء أن تنزل بركتها.
ونعود مرة أخرى إلى ذي القرنين. فإنه لما بلغ مشارق الأرض ومغاربها ونشر التوحيد بين أهل الأرض وساعد هؤلاء القوم على بناء السد، أحس بأن مهمته قد انتهت وأن أجله قد اقترب فقد مرض مرضا شديدا عندما بلغ أرض بابل، فلما أشفق أن يموت أرسل رسالة إلى أمه وكتب فيها: يا أماه اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عليه ولكن لا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة.. واعلمي أن الذي أذهب إليه خير من كل ما أنا فيه. والسلام، فلما وصل كتابه صنعت طعاما ، ورجمعت الناس، وقالت: لا يا كل هذا من أصيب بمصيبة؛ فلم يأكلوا ، فعلمت ما أراد، فقالت : ما يبلغك عني وعظتني فاتعظت ، وعزیتنی فتعزیت ، فعليك السلام.
وهكذا رحل ذو القرنين بعدما ملأ الأرض رحمة وعدلا ونشر التوحيد والايمان بين أهل الأرض - رحمه الله رحمة واسعة.
المراجع:(المصري، محمود. قصص القرآن للأطفال مكتبة الصفا،2010، الطبعة الأولى)
لا تنسى مشاركة الصفحة ومن صالح دعائكم
قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- كان لنبي الله إبراهيم - عليه السلام - ولدان ( إسماعيل وإسحاق ) ، جاء من نسل وذرية إسماعيل رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتزوج نبي ...
قصة النبي صالح -عليه السلام – كانت قبيله ثمود تسكن في منطقة تسمى " الحجر "، وكانت هذه المنطقة تقع بين المدينة المنورة التي أنارت ببعثة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسل ...
نبي الله أيوب -عليه السلام – من أنبياء بني إسرائيل ، من ذرية نبي الله إبراهيم - عليه السلام - ، وكان يسكن في بلاد حوران في الشام، وكان رجلا كثير المال والأولاد ، وكان يمل ...
قصص الانبياء للاطفال . قصة سيدنا نوح للاطفال مصورة كرتون فيديو كاملة قصة سيدنا إدريس -عليه السلام- اسمه و نسبه وهو إدريس ابن برت بن شيث بن آدم هو إدريس بن يارد ...
قصة سيدنا يونس -عليه السلام- نبي الله يونس هو من أنبياء بني إسرائيل ، بعثه الله في قومه ، في قرية تسمى نینوی من أرض الموصل بالعراق ، وكان عدد قومه مائة ألف من الرجال وال ...
قصة موسى وهارون - عليهما السلام – لما دخل يعقوب - عليه السلام - مصرهو وأولاده وأحفاده ، وأقاموا بها وأصبحوا يتحكمون في غالب ثروات البلاد ، وكان يعقوب - عليه السلام - قد ...